الإهمال الجسيم: كيف تؤثر سلاسل توريد العملاء المبالغ فيها على فعالية إدارة المرافق بشكل سلبي

Archive

في ظل الضغوطات المالية المتزايدة، تلجأ الكثير من المؤسسات (خاصة إدارات المشتريات وسلاسل التوريد) إلى تبني نماذج تسعير صارمة وفرض شروط تعاقدية غير واقعية على مزودي خدمات إدارة المرافق، وهذه الظاهرة شائعة جداً في منطقتنا، وتزداد انتشاراً على الصعيد العالمي.

وما يدهشني هو تجاهل الجهات المتعاقدة للتكاليف الحقيقية والمرتبطة باتفاقيات مستوى الخدمة  (SLAs)، وكذلك التكاليف المحتملة للمخاطر التي يتم تحميلها للمزودين، كما يتضح من شروط المناقصات المقدمة، ونادراً ما أرى مؤسسات تحكم هذه الممارسات من خلال مبدأ التكاليف الجوهرية، حيث تعتمد كثير من الشركات على ميزانيات أساسية تستند إلى بيانات قديمة أو غير متوافقة مع المعايير الراهنة في المجال.

فالمقاولون يُجبرون على العمل ضمن ميزانيات محدودة بالكاد تغطي الأجور، مما يؤدي إلى ضعف ونقص في المهارات وبالتالي يؤثر سلباً على جودة التنفيذ والابتكار، وكما أن متطلبات عروض الأسعار تُجبر المقاولين على تقليل عدد العمال أو تقليص أعمال الصيانة الوقائية أو استخدام مواد ذات جودة منخفضة، وكلها ممارسات تُعرِّض كل من السلامة والامتثال وطول عمر الأصول للخطر.

وتلك الممارسات تُثقل كاهل مزودي الخدمة بأعباء تجارية وتشغيلية غير عادلة، مما يولد ظروف عمل غير مستدامة تُضعف جودة الخدمة وتقلل الثقة بين الأطراف. في نهاية المطاف، تؤثر هذه الاتجاهات سلباً على صناعة إدارة المرافق وأداء العقود عموماً، وتتجاوز آثارها الأبعاد المالية لتطال جودة الإدارة والمعايير المهنية.

وعلى وجه الخصوص، تتأثر القوى العاملة في الصفوف الأمامية، وهي قلب عمليات إدارة المرافق. نتيجة الضغوط المالية غير الواقعية، يُجبر المقاولون على تجميد الأجور، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل دوران الموظفين نتيجة الإرهاق وازدحام عبء العمل. كما يقل الإنفاق على التدريب والتطوير، ما يؤدي إلى تراجع معنويات العاملين، ويؤثر سلباً على الأداء، ما قد ينتج عنه فرض عقوبات إضافية تقضي على هوامش الربح.

Scroll to Top